هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟

تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟

  • تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟
  • تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟
  • تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟

اخرى قبل 5 سنة

تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟

تُركت اليمن بعد ثورة فبراير (شباط) 2011 التي أطاحت نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ دون تدخل مباشر من أية من الدول العربية، وقد دخل اليمنيون في صراع على الحكم بعد تلك الثورة أدى إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد.

هذه الأوضاع استغلتها جماعة الحوثيين (حركة أنصار الله) الانفصالية التي خاضت عدة حروب ضد النظام السابق، فتمادت الجماعة وخرجت من معقلها الرئيس في صعدة الواقعة في شمال اليمن حتى زحفت نحو العاصمة صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014.

«قوة احتلال».. هكذا دخلت الإمارات اليمن

انطلق الحوثيون بعد الوصول إلى العاصمة صنعاء نحو السيطرة على محافظة تلو الأخرى في اليمن، حتى طالبوا الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي انتخب رئيسًا لليمن عام 2012 بتسليمهم مقاليد الحكم، على أن يبقى هو مجرد واجهة سياسية.

سفينة مساعدات إماراتية لليمن

بيد أن دول الخليج التي ترى أن من يدعم الحوثيين هم «عدوها اللدود» الإيرانيون، أعلنت حالة الاستنفار السياسي لمواجهة التطورات في الجارة اليمنية، فقررت في مارس (آذار) 2015 إطلاق «عاصفة الحزم» التي تشكلت بتدخل 10 دول عربية عسكريًّا في اليمن، بناء على طلب من الرئيس هادي بهدف استعادة شرعيته، وإنهاء انقلاب جماعة الحوثيين.

وقد كانت الإمارات عضوًا رئيسيًّا في التحالف الذي قادته السعودية في اليمن، لكن سرعان ما انكشفت أهدافها من جراء هذا التدخل، إذ تبين أن أبوظبي تلعب دورًا خطيرًا بمساعدة حلفائها اليمنيين من الميليشيات المحلية والمقاتلين السلفيين والانفصاليين في الجنوب اليمني، فهي تريد تحقيق انفصال عن حكومة هادي؛ التي دخلت اليمن لدعمها كما ادعت.

وقد ساهم التغلغل الإماراتي بشكل رئيسي في الجنوب في إحداث جملة اضطرابات تهدف لخلق حركة انفصالية تطالب باستقلال الجنوب اليمني عن شماله. وكما يذكر تقرير صحيفة «الجارديان» البريطانية فإن «الإماراتيين هم أعضاء التحالف الوحيدون الذين لديهم استراتيجية واضحة، فهم يستخدمون جيوشًا خاصة قاموا بإنشائها وتدريبها وتمويلها في محاولة لسحق كل من التشدد الجهادي، والأحزاب السياسية الإسلامية مثل الإصلاح، إذ تتحد الإمارات العربية المتحدة مع الحركة الجنوبية الانفصالية، التي تعارض كل من الحوثيين وحكومة هادي».

ويضيف التقرير أن: «الإماراتيين بنوا سلسلة من المعسكرات والقواعد العسكرية، وأنشأوا ما هو في الأساس دولة موازية، مع أجهزتها الأمنية الخاصة غير المسؤولة أمام الحكومة اليمنية».

بل وصل الأمر إلى حد كشف «منظمة العفو الدولية» و«هيومن رايتس ووتش» وجود شبكة من السجون السرية تديرها الإمارات وقواتها بالوكالة، وفيها يتم تعذيب أعضاء الإصلاح والمقاتلين المناهضين للحوثيين من الفصائل المتنافسة، وحتى نشطاء ينتقدون التحالف السعودي الإماراتي.

انسحاب شكلي للإمارات من اليمن

بعد ما يقارب أربع سنوات من التدخل الإماراتي في اليمن، شهدت الأيام الأخيرة من شهر يونيو (حزيران) 2019 حديث عن أن الإمارات بدأت تقلص وجودها العسكري في اليمن.

وأعلن مسؤول إماراتي كبير مؤخرًا أن الإمارات: «تقوم بعملية سحب لقواتها من هناك ضمن خطة إعادة انتشار لأسباب استراتيجية وتكتيكية»، وذكر المسؤول أن: «هناك انخفاضًا في عدد القوات لأسباب استراتيجية في الحديدة (غرب) وأسباب تكتيكية في مناطق أخرى».

ونقلت وكالة أنباء «رويترز» عن مسؤول إماراتي قوله: «لا يعترينا أي قلق بشأن حدوث فراغ في اليمن لأننا دربنا 90 ألف جندي يمني في المجمل، هذا أحد نجاحاتنا الكبيرة في اليمن».

ويؤكد لنا الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي أنه حتى هذه اللحظة لم تتضح حدود ولا حجم الانسحاب الإماراتي المعلن من اليمن، فهناك قرائن على أنها انسحابات محدودة للقوات والمعدات من مواقع معظمها يتركز في المحافظات الشمالية للبلاد، مستدركًا خلال حديثه لـ«ساسة بوست»، أنه: «من السابق لأوانه الحديث عن انسحاب إماراتي بالمعنى الحرفي، فقد تقوم عمليًّا بإعادة التموضع في محاولة جديدة، لتحقيق أهدافها الأكثر سوءًا، والمتمثلة في استكمال تفكيك اليمن، وهدم الدولة اليمنية، ودفع القوى الانفصالية في الجنوب، لخوض جولة دموية جديدة مع الحكومة الشرعية، يصعب التكهن إلى أي مدى ستصل في نتائجها».

تحدثنا أيضًا إلى الإعلامي اليمني نعمان عايض الذي قال إنه يعتقد أن الإمارات لن تنسحب بهذه السهولة، مضيفًا: «ما أعلنوه لا يمكن اعتباره انسحابًا إماراتيًّا حقيقيًّا من اليمن، بل هو انسحاب شكلي فقط إلا في ما يخص مأرب، فقد حدث انسحاب ولكن بعد تفريخ قبائل مساندة للحوثي ودعمها».

ويضيف عايض: «أما إذا أتينا إلى الساحل الغربي، فلم يتسن لنا حتى الآن التأكد من انسحابها بشكل جدي على أرض الواقع، هذا من جانب، ومن جانب آخر في ما يخص المحافظات الجنوبية فهي جاثمة على تلك المحافظات، وقد فرخت عدة تشكيلات ونخب وأحزمة تنوب عنها بعد انسحابها».

ويؤكد عايض لـ«ساسة بوست» أن الإمارات حققت جزءًا من أهدافها في اليمن، وهي إعاقة عمل الشرعية اليمنية، وتقوية جماعة الحوثي، وتفريخ ميليشيات في الجنوب اليمني، كما قامت بنهب ثروات نفطية وبحرية يمنية سعيًا منها إلى فصل الجنوب عن الشمال.

دوافع خفية وراء إعلان الإمارات الانسحاب من اليمن

وبالحديث إلى أستاذ علم الاجتماع السياسي في «جامعة صنعاء»، عبد الباقي شمسان، فإن إعلان الإمارات الانسحاب من اليمن له أكثر من مؤشر، إذ يرى شمسان أن هناك استراتيجية ثابتة لأبوظبي لا تحول فيها الآن، فقد قامت بثبيت وضعها في المناطق الجنوبية باليمن عبر إيجاد ميليشيات عسكرية موالية لها تضم تقريبًا 90 ألف مقاتل.

ويضيف خلال حديثه لـ«ساسة بوست» أنها: «كذلك تسيطر على الجزر الواقعة في المنطقة الجنوبية لليمن، والمطلة على الخليج العربي وعلى الممرات البحرية والجوية اليمنية من خلال الميليشيات الموالية لها، وكذلك تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أوجدت له جمعية وطنية وسلطة تشريعية، ثم قامت بإيجاد شبكة من المصالح الاجتماعية مع الشيوخ والرموز المؤثرة، أي أنها قامت بتأسيس المناطق الجنوبية وإضعاف السلطة الشرعية وإبقائها خارج الجغرافيا».

ويشدد شمسان الذي أشار إلى أن الإمارات بعد إعلانها الانسحاب تستطيع أن تعيد تموضعها العسكري في اليمن؛ على أن ما دفع أبوظبي لهذا الإعلان هو رغبتها في امتصاص الضغط الدولي الذي يحملها مسؤولية تدهور الأوضاع في اليمن، فهناك صفقات السلاح التي تورطت بها أبوظبي، وهناك الملف الحقوقي الخاص بأوضاع اليمنيين.

أما الأهم حسب شمسان فهو أن الإمارات تريد أن تظهر في حال حدوث انقلاب في المناطق الجنوبية بأنها خرجت، ولا علاقة لها بما يحدث ويتم داخل الأراضي اليمنية، وبالتالي هي من جهة قادرة على التنصل من تحمل المسؤولية باعتبارها انسحبت، ومن جهة أخرى تظهر في حال تعيين فوضى منظمة في اليمن أنها خرجت ثم بسبب خروجها تفاقم عمل الجماعات الإرهابية التي تعمل وفق أجندات خاصة في اليمن، أي أنها كانت صمام أمان؛ مما يدعو لعودتها من أجل المساهمة في مكافحة الإرهاب.

من جانبه، ينوه الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إلى أن أول الدوافع الإماراتية لإعلان الانسحاب من اليمن يتعلق برغبة أبوظبي في تفادي التصعيد الشعبي الذي أظهر مهمتها شبه منبوذة خصوصًا في المحافظات الجنوبية التي تصرفت فيها بشكل مطلق، وأعادت فيها هندسة المشهد الأمني لصالح المجموعات الانفصالية الجهوية الأكثر تشددًا.

ويبين التميمي أن الإمارات تريد أن تبتعد بهذا الإعلان عن المعركة المتصلة بالأولويات السعودية، وتقدم انطباعًا بأن التحالف يتفكك في منتصف الطريق.

الإمارات تترك السعودية وحيدة أمام هجمات الحوثيين

تدخلت الإمارات كما أسلفنا مع شريكتها السعودية في اليمن بهدف إنهاء انقلاب جماعة الحوثيين مطلع 2015، لذا كان أول ما أثير عن إعلان الانسحاب الإماراتي من اليمن، هو ما إذ كان سيضيف هذا الانسحاب تعقيدًا جديدًا لحرب السعودية ضد الحوثيين.

سيارة مفخخة اصطدمت بقاعة تخدم القوات اليمنية التي دربتها الإمارات العربية المتحدة

يقول مسؤول إماراتي لوكالة أنباء «رويترز» إن: «سحب الإمارات بعض قواتها من اليمن في الآونة الأخيرة جرى التخطيط له منذ أكثر من عام وبالتنسيق مع السعودية»، وأضاف المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه: «قرار خفض القوات لم يكن وليد اللحظة، بل نوقش باستفاضة مع الرياض، استمر نقاشنا بشأن إعادة انتشارنا لما يزيد على عام وتزايد (النقاش) بعد توقيع اتفاق ستوكهولم في ديسمبر (كانون الأول) 2018».

بيد أن الكاتب والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي يرى أن السعودية بالتأكيد ليست سعيدة بالإعلان الإماراتي، لكون هذا الانسحاب يأتي في الوقت الذي تتعرض فيه السعودية لهجمات لا تقف على حدها الجنوبي، وعلى منشآت حيوية في أبها وجيزان ونجران، ويعقب بالقول لـ«ساسة بوست»: «التنسيق بين أبوظبي والرياض حول الانسحاب لا يبدو أنه يعكس رغبة سعودية من أي نوع، خصوصًا أن السعودية تبتعد أكثر من أي وقت مضى عن تحقيق هدفها في إنهاء خطر الحوثيين».

من جانبه، يعتقد أستاذ علم الاجتماع السياسي في «جامعة صنعاء»، عبد الباقي شمسان، أن الإمارات منذ البداية لا يهمها السعودية، والدليل على ذلك أنها أوجدت سلطة غير الدولة في العاصمة صنعاء من الحوثيين، وهذه الجماعة أصبح ولاؤها لإيران، ويضيف: «نحن الآن أمام جماعات عقائدية أصبح وجودها خطرًا ومؤشرًا على إنشاء جماعة تشبه (حزب الله) أو (أنصار الله) في الداخل السعودي، وسيكون هناك إمداد لوجستي لها، لأن الهدف من تثبيت الحوثيين على الثقوب هو المملكة العربية السعودية».

التعليقات على خبر: تركت السعودية وحيدة وأعلنت انسحابها.. هل حققت الإمارات أهدافها من حرب اليمن؟

حمل التطبيق الأن